الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية محمد الزواري: قصة مهندس طيران طارده نــظــام بن علي واحتضنته كـتـائب عـزالــدين القســـام

نشر في  21 ديسمبر 2016  (09:47)

المهندس محمد الزواري اسم ظل مجهولا لدى عامة الشعب الى غاية 15 ديسمبر تاريخ اغتياله بطريقة وحشية امام  منزله بصفاقس، قضية لم تبح بعد بكل تفاصيلها واطوارها رغم كل ما قيل حولها، ولولا اصدار كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بيانا اكدت فيه ان مهندس الطيران والمخترع التونسي التحق بصفوفها وعمل فيها قبل عشر سنوات، وأنه كان «أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية» التي كان لها دور في حرب «العصف المأكول» مع إسرائيل عام 2014، لكان محمد الزواري مجرد اسم ينضاف الى سجّل الوفيات ..

ويذكر ان محمد الزواري اغتيل  يوم 15 ديسمبر بإطلاق شخصين مجهولين 20 رصاصة عليه وهو في سيارته أمام منزله بمنطقة العين، وقد أطلِق الرصاص من مسدسيْن كاتميْن للصوت فاستقرت ثماني رصاصات في جسده خمس منها في جمجمته.

اخبار الجمهورية انتقلت الى صفاقس، وتحديدا الى منطقة العين، حيث منزل الزواري .. منزل رفرف فوقه العلم الفلسطيني وزيّن مدخله بصورة ضخمة للزواري عليها «الشهيد المهندس محمد الزواري» .. ورغم منعنا من الدخول بداية الأمر نظرا لما خلفته حادثة اقدام صحفي اسرائيلي على التصوير خلسة ودون اذن وما اثارته هذه الحادثة من ردود افعال مستنكرة، تمكنا من الدخول والالتقاء بزوجته وشقيقه، وصادف وجودنا هناك حضور عدد من الشخصيات الوطنية على غرار الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي وعماد الدايمي وعدنان منصر الذين تحولوا لتقديم العزاء..

كما استغللنا فرصة وجودنا في صفاقس لحضور ندوة صحفية بمقر المحكمة الابتدائية حيث اكد كل من مراد التركي الناطق باسم محاكم صفاقس وفوزي المصمودي وكيل جمهورية محكمة صفاقس ارتفاع عدد الموقوفين في القضية من 8 إلى 10 أشخاص ومن بين الموقوفين العشرة، الصحفية التونسية، التي تم تأكيد كونها غادرت تونس قبل يوم من الجريمة ثم عادت مجددا، ليتم الاحتفاظ بها.
  كما اشار وكيل الجمهورية  الى انه تم نشر صورة الأجنبيين المورطين في القضية عبر الانتربول لتحديد هويتيهما، ولا علم للسلطات التونسية إن كانا لا يزالان في تونس أم خارجها وأن الموقوفين التونسيين تمت الاستعانة بهم من قبل الأجنبيين.
 زوجته تطالب بالجنسية التونسية
وفي حديث خاطف مع زوجة المهندس محمد الزواري السيدة ماجدة، اكدت أنها فخورة باستشهاد زوجها وباعلان القسام أنه منضم اليها، ونفت أنها على علم بأنه كان قياديا في الكتائب
وذكرت أن زوجها غادر يوم الحادثة لزيارة الطبيب وبعد ساعة من مغادرته، سمعت دوي اطلاق نار، مما يفند الروايات التي أفادت انه تم اغتياله بمسدس كاتم للصوت.
وطالبت محدثتنا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بحق زوجها وبأوراق الاقامة ولم لا منحها الجنسية التونسية.
وهنا نشير الى أن الزواري متزوج منذ سنة 2008، ولم ينعم الله عليه بأطفال، وهو سبب زيارته الاخيرة الى الطبيب، حيث كان الزواري يحلم بانجاب طفل يحمل اسمه، لكن يد الغدر اغتالته قبل تحقيق حلمه.
رضوان الزواري : شقيقي لم يكن يحمل الجنسية البلجيكية
وفي حديث جمعنا برضوان الزواري شقيق الشهيد محمد الزواري، اكد انه اعتقد بداية الامر ان شقيقه تعرض الى حادث مرور او مات ميتة طبيعية، الى أن رأى الرصاص مخترقا جسده، مضيفا انه لم يكن على علم بكون شقيقه اختار النضال لصالح المقاومة الفلسطينية، واكد انه فخور بشقيقه وبكل ما قام به مشيرا الى انه اكتشف حقيقة الاغتيال اثر اطلاعه على بيان كتائب القسام .
وذكر رضوان أن شقيقه محمد كان كتومًا وانه سخر حياته للعلم والبحوث العلمية وان وقته كان موزعا بين التدريس ونادي الطيران، كما ذكر ان شقيقه لم يكن ينتمي الى أي حزب سياسي وان حياته في تونس كانت طبيعية ..
من جهة اخرى نفى رضوان ان يكون شقيقه متمتعا بالعفو التشريعي مضيفا انه لا يمتلك الجنسية البلجيكية كما اشار الى ذلك وزير الداخلية .
ولئن اعرب الزواري عن سعادته بمساندة المجتمع المدني للعائلة وجل المحامين واتحاد الشغل وبعض الوجوه السياسية فانه لم يخف استغرابه من الغياب الكلي للحكومة التونسية ولأي ممثل لها .
حمادي الجبالي: كنت اتمنى لو سبقني رئيس الجمهورية الى منزل الشهيد
وصادف وجودنا بمنزل الشهيد محمد الزواري مع وصول موكب رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، الذي اكد في تصريح لاخبار الجمهورية ان الشهيد محمد الزواري شرف لتونس وللامة العربية وللقضية الفلسطينية، مؤكدا ان الزواري لقن كل تونسي درسا كبيرا حيث كان يشتغل في صمت بعيدا عن الضجيج وبهرج الاضواء» حسب تعبيره.
واكد الجبالي ان الجانب المؤسف في القضية هو تواصل التعتيم والصمت من قبل اعلى هرم في الدولة ومؤسساتها وجزء من اعلامها، وذكر الجبالي انه كان يتمنى لو سبقه رئيس الجمهورية وممثلو الاحزاب الى منزل الشهيد، كما اشار الى كون الدولة مطالبة برد الاعتبار للشهيد والاعتراف بشهادته سواء بالحضوء او بتنظيم موكب عزاء يليق به.
ودعا الجبالي إلى ضرورة قيام الدولة بتحرك جاد لمعرفة حقيقة الاغتيال،  وملابسات اختراق المؤسسات الأمنية والإعلامية والسياسية، لانها « ليست المرة الاولى التي يرتع فيها الكيان الصهيوني في ارضنا يقتل ويسفك الدماء «على حد تعبيره .
المرزوقي يطالب باستقالة وزير الداخلية
وفي حديث جمعنا برئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي دعا الى استقالة وزير الداخلية وذلك احتراما لشرف المهنة حسب ما جاء على لسانه.
واكد المرزوقي أنه يدعم مجهودات الدولة التونسية في بحثها على الحقيقة شرط ان تتقدم بشكوى الى الأمم المتحدة والى مجلس الأمن لأن ما حصل بتونس «تعد على السيادة التونسية، فمن غير المقبول أن تخترق اسرائيل تونس وأن تتولى قناة اسرائيلية ايفاد مبعوث خاص لها على الأراضي التونسية» وتساءل: «أين هيبة الدولة؟»

من هو محمد الزواري؟
وُلد محمد الزواري عام 1967 في صفاقس أكمل  دراسته الثانوية ثم التحق بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وبعد عودته من منفاه إلى تونس عام 2011 سجل للدكتوراه في المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وكان يعد رسالة تخرجه حول اختراع غواصة تعمل بنظام التحكم عن بعد، وقد كانت رسالة تخرجه في مرحلة ما قبل الدكتوراه عن صناعة الطائرات دون طيار وعمل الزواري في المنفى مهندسا بإحدى الدول العربية، وبعد رجوعه إلى تونس اشتغل مديرا فنيا في إحدى شركات الهندسة الميكانيكية، وأستاذا جامعيا في المدرسة الوطنية للمهندسين، أسس وترأس «نادي الطيران النموذجي بصفاقس» الذي يدرب الشباب التونسي على تصنيع الطائرات من دون طيار، وفيه صنع الزواري طائرة دون طيار عام 2015 وجربها بمنطقة سيدي منصور. وكان أيضا عضوا في «نادي علوم وقيادة».
انخرط الزواري في شبابه في صفوف حركة الاتجاه الإسلامي التونسية وكان أحد نشطاء «الاتحاد العام التونسي للطلبة» وكان نشاطه السياسي سببا في الملاحقة الأمنية له من النظام التونسي، و تم اعتقاله بعد احداث باب سويقة 1991.
وبعد الإفراج عنه غادر تونس الى ليبيا  ومنها الى السودان ثم سوريا حيث استقر وتزوج بسيدة سورية عام 2008، وعمل هناك قرابة عشرين عاما قبل أن يعود إلى تونس إثر اندلاع الثورة ..
وأثناء إقامته في سوريا ربط الزواري علاقات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتعاون مع جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام.



سناء الماجري